لاشك أن السياسات الاستعمارية التقليدية كثيرة ومتعددة وأنها قد ارتبطت بأهداف الاستعمار المختلفة التي ذكرناها في البداية، ولا نود هنا أن ندخل في تفاصيل هذه السياسات المتعددة والتي شملت شتي المجالات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والثقافية والحضارية مما أدي لسياسات القمع والتجزئة والاستغلال والتبشير وفرض لغة المستعمر والعمل علي خدمة مصالحه . فقد سخرت موارد البلاد المستعمرة مثلا لخدمة اقتصاد المستعمر كما استخدم التعليم لخلق فئة مثقفة مشبعة بفكر المستعمر لكي تخدم مصالحه ايضا . ولنا في السودان مثال حي لمثل هذه السياسات الاستعمارية حيث ركز المستعمر البريطاني علي زراعة القطن لمصلحة مصانعه في لانكشير ومانشستر ، كما ركز علي التعليم في كلية غردون ليجعل من مؤتمر الخريكين مطية لخدمة مصالحه فخابت آمال بعد أن أصبح هذا المؤتمر حركة سياسية وطنية قدمت للمستعمر مذكرتها المشهورة عام 1942 والتي طالبت فيها باسم السودانيين بحق تقرير المصير بعد الحرب مباشرة ، ونود فقط في هذا المجال أن نعرض لاهم تلك السياسات الاستعمارية خاصة تلك التي ترتبت عليها بعض المشاكل الكبيرة التي مازالت تعاني منها الدول العربية والإفريقية بعد حصولها علي الاستقلال السياسي وسنركز هنا بصفة خاصة علي سياسات التجزئة والاستعمار الاستيطاني في فلسطين وجنوب إفريقيا . سياسة التجزئة : لقد كان الاستعمار التقليدي - ممثلا في بريطانيا وفرنسا – يخشي من احتمال قيام وحدة قومية تنظم البلاد العربية فقام بتفكيك وتقسيم الإمبراطورية العثمانية من خلال تطبيق إتفاقية سايكس – بيكو بعد الحرب العالمية الأولي . ولم نحافظ كل من بريطانيا وفرنسا حتي علي وحدة الجزء الموضوع تحت انتداب كل منهما ، فقد قسمت بريطانيا منطقتها إلي ثلاثة أجزاء : فلسطين ، لتنفيذ وعدها للصهيونية ، والعراق ، لتوطيد موقفها ومصالحها البترولية علي طريق الهند وفي الخليج ، وفي الشرق الأردن لمحاصرة القبائل العربية البدوية وتمكين الخبراء من أمثال كلوب باشا من ترويضها بقصد حماية سياستها في فلسطين والعراق منهم (22). وطبقت بريطانيا أيضا سياسة التجزئة بين مصر والسودان حيث سعت الحكومة البريطانية والإدارة البريطانية في السودان لابعاد النفوذ المصري تماما عن السودان فاستخدمت في ذلك شتي الوسائل لمحاربة الدعوة لوحدة وادي النيل في البلدين بينما شجعت شعار السودان للسودانيين لفصل السودان عن مصر ، كذلك طبقا بريطانيا في مستعمراتها سياسة فرق تسد لتوطيد سيطرتها الكاملة علي السكان المحليين ولاضعاف الحركات الوطنية التحررية في البلدان المستعمرة ، فقد ناصرت في السودان أولا القوي الطائفية التقليدية ( الختمية والأنصار المهديين ) وأيدت ثانيا بعد ذلك مؤتمر الخريجين ضد هذه القوي ، ثم رجعت أخيرا للقوي التقليدية ضد فئة المثقفين ، وأيدت العناصر الوطنية المعتدلة بالنسبة لها ضد العناصر الراديكالية ( والتي كانت تنادي بشعار وحدة وادي النيل ) وطبقت أيضا بريطانيا سياسة التجزئة في داخل السودان عندما اصدرت قانون المناطق المقفولة وفصلت بموجبه جنوب السودان عن شماله لمدة تقارب الثلاثين عاما حيث حكمته كما مفصلا ونشرت فيه المسيحية واللغة الإنجليزية بينما كانت تفكر في ضمه لشرق إفريقيا ، وبالتالي ساهمت السياسة الاستعمارية البريطانية في تعميق الفوارق بين أهل الشمال وأهل الجنوب في السودان مما جعل مشكلة الجنوب ، منذ تمرد 1955، هي المشكلة الأولي التي يعاني منها السودان حتي اليوم (23) وقد طبقت بريطانيانفس سياسة التجزئة في كل من العراق ونيجيريا مما سبب لهما ايضا مشاكل عرقية أدت إلي صراعات عنيفة في داخل هذين البلدين بعد الاستقلال : مشكلة الأكراد في العراق ومشكلة بيافرا في نيجيريا ويضاف إلي ذلك سياسة التجزئة التي طبقتها ايضا بريطانيا في دول الخليج مما أدي لقيام دويلات صغيرة هناك . وقد سعت فرنسا كذلك إلي تحقيق أمانيها القديمة في زحزحة النفوذ الإنجليزي الذي تفوق عليها ، فابتدعت صيغا جديدة للسيطرة الاستعمارية مما دفعها أيضا لتجزئة منطقة انتدابها إلي ست دويلات هي لبنان ودمشق وحلب وجبل الدروز واللاذقية ومصلحة العشائر فكان ذلك ضد فكرة وحدة سوريا الطبيعية التي كانت تضم هذه الأماكن ، كذلك تعمدت فرنسا ابراز الجوانب الطائفية في داخل هذه البلاد وهذا ماحدث بشكل خاص في لبنان ( الذي قسم علي أساس الطوائف الدينية – المسيحية والإسلامية ). وانتهت التجزئة من قبل بريطانيا وفرنسا بتسمية أجزاء المناطق التي وضعت تحت نظام الانتداب بسوريا ولبنان وشرق الأردن فلسطين ، وصارت كل من هذه الدويلات تسعي لتوطيد الدعائم الاقليمية وابراز كيانها ازاء الكيانات الأخري مما أدي لتأكيد التجزئة التي رمي لها الاستعمار في تلك المنطقة العربية (24) ولا يخفي علي أحد اليوم أن مايحدث في لبنان منذ سنوات من حرب بين المليشيات هو في الواقع نتاج للسياسة الفرنسية التي جزأت الطوائف الدينية في لبنان حيث ميزت بين المارونيين والدروز والسنة والشيعة وابتدعت نظاما سياسيا معقدا علي اساس هذه الطوائف الدينية . ويضاف إلي ذلك سياسة التفرق التي طبقتها فرنسا في دول المغرب العربي بين العرب والبربر منذ أن أتت بما عرف باسم الظهير البربري في المغرب الاقصي ( مراكش سابقا) في بداية الثلاثينيات مما دفع الحركة الوطنية المغربية لرفض هذه اسياسة باعتبارها سياسة تجزئة للمسلمين وللتراب المغربي (25). ولازالت الجزائر تعاني من هذه المشكلة في منطقة القبائل القريبة من الجزائر العاصمة نتيجة للسياسة الاستعمارية الفرنسية التي شجعت عناصر البربر علي التمسك بالتباين العرقي والثقافي وذلك بالرغم من تمازج هذه العناصر مع العرب في اطار الإسلام والحركة الوطنية الجزائرية . وتجدر الإشارة ايضا إلي التجزئة الكبري التي نظمها الاستعمار بين المشرق والمغرب حيث ضعت ايطاليا في ليبيا كحاجز لفصل المشرق الخاضع للاستعمار البريطاني عن المغرب الذي سيطرت عليه فرنسا – وقدسعت الدولتان الاستعماريتان – بريطانيا وفرنسا – لمنع قيام اتصالات بين المشرق والمغرب حتي لاتحدث وحدة قومية بينهما تهدد الوجود الاستعماري في الوطن العربي ، وقامت ايطاليا كذلك بنفس سياسة التجزئة داخل ليبيا لاثارة النعرات الاقليمية مما ادي لقيام دولة اتحادية في ليبيا بعد الاستقلال عام 1951 ، كما حدث ايضا نفس الشيء في نيجيريا عام 1960 نتيجة لسياسة التجزئة البريطانية التي طبقا ايضا في السودان وجعلت جزءا من الجنوبيين يطالبون حتي اليوم بدولة اتحادية ( فدرالية ) ولكن بالرغم من سياسة التجزئة الاستعمارية بين المشرق والمغرب فإن ليبيا كانت حلقة الوصل التي انتقلت عبرها الحركة الإصلاحية السلفية بزعامة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده من المشرق إلي المغرب العربي كما أن ليبيا كانت مقر اجتماعات المجلس الوطني للثورة الجزائية حيث وقع فيهما ميثاق طرابلس في مارس عام 1962 – بينما كونت في القاهرة منذ عام 1948 لجنة تحرير المغرب العربي من الحركات الوطنية بهدف التحرر من الاستعمار الفرنسي وبمساعدة الجمامعة العربية التي تأسست عام 1945 في القاهرة (26). وإذا كان الاستعمار التقليدي الذي اتبع سياسة التجزئة قد سعي لفصل المشرق والعربي عن المغرب العربي ، فإنه ايضا قد اتبع هذه السياسة في داخل منطقتي القرن الإفريقية والمغرب الأقصي وقد ظهرت الأهمية الاستراتيجية للقرن الإفريقي بعد افتتاح قناة السويس في نوفمبر 1869 مما أدي لتنافس ثلاث دول استعارية هي بريطانيا وفرنسا وايطاليا حيث احتلت بريطانيا شرق القرن الإفريقي واخذت جزءا من الصومال واتخذت فرنسا لنفسها محمية في ميناء جيبوتي ، بينما استولت ايطاليا علي ماتبقي من سواحل المنطقة ممثلا في بقية الصومال واقليم ارتريا ، وفي عهد موسوليني قامت ايطاليا بغزو اثيوبيا عام 1936 وضمت اقليم اوغادين ( الصومال الغربي ) إلي الصومال الايطالي ، ولكن وبعد هزيمة ايطاليا عام 1941، وضعت كل من ارتريا واوغادين تحت الإدارة البريطانية التي حلت محلها اثيوبيا فيما بعد ، وتقرر بعد الحرب مصير كل من الصومال وارتريا بواسطة الامم المتحدة إلا أن ارتريا ضمت رسميا لاثيوبيا عام 1962 مما أثار حرب تحرير ارترية . واعلنت الصومال بعد استقلالها عام 1960 ان الاستعمار كان قد قسمها إلي خمسة أجزاء وأن الصومال الطبيعية تضم اضافة إلي الصومال البريطاني والصومال الإيطالي جيبوتي اقليمي اوغادين وشمال شرق كينيا ، وهذا ما اثار قضايا الحود الصومال واثيوبيا في عام 1964م وكذلك في 77- 1978م. وبالنسبة للمغرب الأقصي نجد أن المغاربة يرون أن بلادهم قد قسمت إلي عشر مناطق استعمارية . الجزء الجنوبي ( فرنسا ) الجزء الشمالي ( اسبانيا ) ، طنجة ( ادارة طولية ) ، سبتة ومليلة ( اسبانيا ) ، موريتانيا ( فرنسا ) افني ( اسبانيا ) ، طرفاية ( اسبانيا ) ، الساقية الحمراء ( اسبانيا ) وادي الذهب ( اسبانيا ) منطقة تندوف الحدودية ( أضيفت للجزائر بواسطة فرنسا ) وقد حدثت حرب علي الحدود بين الجزائر والمغرب عام 1963 ، كما دخلت المغرب في مواجهة عسكرية غير مباشرة مع الجزائر بعد انسحاب اسبانيا من الصحراء الغربية ( الساقية الحمراء ووادي – الذهب) منذ عام 1975 ، وتري المغرب أنه لم يبق لها سوي سبتة ومليلة . ولاشك أن كل هذه المشاكل التي يعاني منها العالم العربي اليوم ، مما يعرقل عملية الوحدة السياسية للوطن العربي ، تجد جذورها في سياسة التجزئة الاستعمارية التي قصدت تفتيت وحدة البلدان العربية ، وقد بدر الاستعمار التقليدي ماهو أخطر من ذلك في الوطن العربي حيث أنشأ في فلسطين كيانا استعماريا استيطانيا مازال يسمي أيضا لتمزيق وحدة العرب بشتي الوسائل وبتأييد من الاستعمار الجديد . الاستعمار الاستيطاني في فلسطين : الصهيونية : تزعم الصهيونية أنها حركة تحرير وطنية وقومية وأنها سعت بذلك لانشاء وطن قومي أو دولة لليهود ، والحقيقة أنها حركة سياسية استعمارية تقنعت بالدين وظهرت في ترة التكالب الاستعماري علي إفريقيا بعد مؤتمر برلين حيث أن مؤسسها ثيود ورهرتزل ، الذي كون المنظمة الصهيونية في مؤتمر بال بسويسرا عام 1897 ، قد دعا لقيام دولة يهودية . ولما رفض السلطان العثماني عبدالحميد إقامة دولة لليهود في فلسطين ، لجأت المنظمة الصهيونية إلي بريطانيا حتي حصلا علي وعد بلفور عام 1917 ، وقامت اسرائيل بالتالي علي أساس الاستعمار الاستيطاني في فلسطين بواسطة الهجرة المنظمة وغير المنظمة لشراء الأراضي. ولم تكن لذلك حركة تحرير ضد الوجود الاستعماري كما فعل عرب فلسطين ضد الاستعمار البريطاني (27) كما لم تكن حركة قومية لأن اليهود لايشكلون قومية واحدة بل هم اشتات من بلاد مختلفة ولا تجمعهم سوي العقيدة الدينية اليهودية . كذلك تزعم الصهيونية أن ايدولوجيتها قد نشأت كرد فعل لمعادة السامية التي يعتبرونها مرتبطة بالصراع الاجتماعي والسياسي الدائر في المجتمع ، وأن اللاسامية أبدية طالما كان لليهود وجود بين قوميات اخري ، إذ أن العداء العنصري والكراهية بين الشعوب إنما يتلائمان مع المجتمع البشري ، ويعيشان في التكوين النفسي(28). والواقع أن الصهيونية في تعريفها الحقيقي هي الحقد المترسب في نفوس أصحابها بسبب الترشيد والتشتت الذي أصاب اليهود وبسبب الاضطهاد الديني ( بعد اتهام الكنيسة لهم بقتل المسيح عليه السلام ) والاضطهاد السياسي ( كما وضح من قضية الضابط اليهودي دارايفوس في فرنسا ) وأخيرا الاضطهاد العنصري ( من قبل النازية الهتلرية ) والذي تعرضوا له في أوربا. ولهذا جاءت الصهيونية وهي تحقد علي الانسانية كلها وعلي أصحاب الأديان الأخري وخاصة المسلمين بالرغم من تسامح الإسلام والمسلمين مع اليهود وحمايتهم من الاضطهاد الأوربي الذي عرف باسم اللاسامية ، ولهذا سعت الصهيونية لاقامة دولة توسعية تنطلق من ارض العرب والمسلمين نحو السيطرة علي العالم واستغلال ثرواته ، كما تهدف في نفس الوقت لأن تكون هذه الدولة يهودية عنصرية لا تختلف في مضمونها عن الدولة النازية الهتلرية(29). وليس من قبل المبالغة أن تشبه اسرائيل بالدولة النازية فهناك في الحقيقة أوجه كثيرة للمقارنة بينهما يمكن تلخيصها في الآتي (30). 1- الصهيونية استعمار عنصري مطلق لأنها تنادي بتفوق الجنس اليهودي علي اساس شعار شعب الله المختار وذلك علي غرار مناداة النازية بسيادة الجنس الآري وبأن تكون المانيا فوق الجميع . 2- الصهيونية هي استعمار توسعي في أساسه حيث أن ماورد في خريطة اسرائيل الكبري ، وهو من النيل إلي الفرات أرضك يا اسرائيل هو شعار الإمبراطورية الصهيونية الموعودة للسيطرة علي العالم ، كما كان حلم النازيين في الماضي باقامة امبراطورية لهم في أوربا لتكون قاعدة للسيطرة علي العالم. وإذا كانت اسرائيل تستخدم اليوم ذريعة الحدود الآمنة للتوسع العدواني الاستراتيجي والاقتصادي ( منذ حرب 1948 ثم 1956 و1967 و1973 وحتي 1982 في لبنان )، فإن المانيا النازية قد استخدم أيضا من قبل ( عبارة المجال الحيوي للشعب الألماني). 3- الصهيونية استعمار استيطاني حيث ركزت علي احتلال الأرض بالأسكان ، ولهذا سعت لإبادة الفلسطينيين ( أمثال مذبحة دير ياسين في فلسطين ومذابح صبرا وشاتيلا في لبنان ) أو طردهم من أراضيهم فأصبحوا لاجئين كما فعلت النازية في مخططها لابادة وترشيد أهالي البلاد الاصليين ليحل الألمان محلهم وذلك علي أساس ( سياسة كسب الأرض). 4- الصهيونية استعمار استغلالي إذ أنها تسعي لاستنزاف طاقات الفلسطينيين العرب الموجودين في الأراضي المحتلة لمصلحة اقتصادها ومن أجل رفاهية اليهود علي حساب العرب (31) وذلك كما فعلت النازية عندما اعتبرت بولندا مخزنا احتياطيا دائما لامدادها بالعمال اللازمين للأعمال الشاقة . 5- الصهيونية استعمار ادماجي حيث تسعي اسرائيل لصهينة الأراضي العربية المحتلة في الضفة الغربية والجولان والقدس وذلك من خلال سياسة التدمير للمدن العربية تحت ذريعة الضربات التاديبية ردا علي العمليات الفدائية الفلسطينية ، وهذا ما فعلته النازية أيضا في سعيها لجرمنة اقاليم شرق أوربا. 6- الصهيونية استعمار استراتيجي يقوم علي العسكرية حيث تحولت اسرائيل إلي قاعدة وترسانة عسكرية في سياستها الاقتصادية بشكل يخدم اطماعها التوسعية ، كما أن سياسة ( اقتصاد الحرب ) كانت هي السياسة التي اعتمدتها النازية في مشاريعها. 7- الصهيونية استعمار معاد للتنظيم الدولي حيث تجاوز الصهاينة في اسرائيل كل الاعراف والقوانين الدولية بدأت بخرق ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها منذ تقسيم فلسطين عام 1947 وذلك كما خالفت النازية من قبل كل الأعراف القوانين الدولية في مسلكها وسياساتها . 8- الصهيونية استعمار حضاري يرمي إلي تدمير الحضارة العربية الإسلامية لتحل محلها الحضارة العلمانية الغربية التي سارت عليها اسرائيل من خلال سيطرة اليهود الغربيين ( الاشكناز) علي اليهود الشرقيين ( السفارديم) حيث تزعم اسرائيل حمل رسالة الحضارة والتطور في صحراء الرجعية العربية ، وهذا ماكانت تدعيه أيضا المانيا النازية في نشر رسالتها الايدلوجية للعالم الخارجي . وخلاصة الأمر أن الصهيونية ممثلة في اسرائيل هي تجسيد للاستعمارالمتعدد الأغراض وهو استعمار بالأصالة والوكالة في نفس الوقت حيث أن اسرائيل قامت واقيمت بفعل ولحساب نفسها الصهيونية العالمية ، وكذلك قامت واقيمت بفعل ولحساب الاستعمار العالمي الذي تضايقت الصهيونية العالمية إلي حد التماثل مع خططه ومصالحه ، واسرائيل كجسم استعماري واقع تمثل استعمارا قديما ، ولكنها وبدور الاستعمار العالمي في كيانها وامنها تمثل أداة وقاعدة للاستعمار الجديد ، وقد التقي فيها بالتالي الاستعمار القديم والجديد بدون صراع أو تنافر إذ كانت بريطانيا ( الاستعمار القديم ) هي التي اقامتها ، ولكنها سلبتها بعد ذلك طواعية لوصاية امريكا ( الاستعمار الجديد ) التي تمارس عليها اسرائيل ولحساب الصهيونية العالمية نفوذا وضغطا لايتناسب مع الولايات المتحدة ( كاحدي الدولتين الكبيرتين ) وعلي كل فإن اسرائيل في نهاية الأمر أخطر تحديات الاستعمار في التاريخ العربي ، ولعلها أعلي مراحله في الوطن العربي ، كما أن الصهيونية العالمية هي أعلي مراحل الإمبريالية العالمية (32). وإذا كانت اسرائيل هي الشركة التي تؤرق العالم العربي ، فإن جنوب إفريقيا العنصرية هي اي
|
|