نظام القطبية الثنائية والحرب الباردة
مقدمة : تمثلت المخلفات السياسية للحرب العالمية الثانية في بروز نظام القطبية الثنائية و قيام الحرب الباردة التي تخللها التعايش السلمي بين الكتلتين .
- ما هو السياق التاريخي لبروز نظام القطبية الثنائية ؟
- ما هي مظاهر و عوامل الحرب الباردة الأولى ؟
- ماذا عن مرحلة التعايش السلمي و الحرب الباردة الثانية ؟
1-الأوضاع الدولية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وبروز نظام القطبية الثنائية:
1-1:أدت المخلفات السياسية للحرب العالمية الثانية إلى ظهور نظام القطبية الثنائية :
دخلت الولايات المتحدة الأمريكية متأخرة الحرب العالمية الثانية، لكنها حسمتها لفائدة الحلفاء الغربيين .وساهم الجيش الأمريكي في تحرير دول أوربا الغربية من الاحتلال النازي الألماني . في المقابل حقق الاتحاد السوفياتي انتصارات هامة على ألمانيا في الطور الثاني من الحرب العالمية الثانية فحرر أراضيه واستولى على بلدان أوربا الشرقية وأقام بها أنظمة اشتراكية، فبرز كقطب للكتلة الشرقية الاشتراكية.
1-2:كرس تأسيس هيأة الأمم المتحدة بروز نظام القطبية الثنائية :
*بمقتضى مؤتمر سان فرانسيسكو لسنة 1945 تأسست هيأة الأمم المتحدة.
*تتلخص أهدافها في النقط الآتية :
-إقرار السلم والأمن الدولي.
-تعزيز التعاون بين دول العالم في مختلف الميادين.
-احترام حقوق الإنسان.
*تعتمد هيأة الأمم المتحدة على الأجهزة التالية :
- مجلس الأمن : ويتكون من 15 عضوا 5 منهم يمثلون الدول الكبرى التي تمتلك حق الفيتو ( الاعتراض ) .
ويقوم مجلس الأمن بمعاقبة الدول المخالفة لميثاق هيأة الأمم المتحدة وبإرسال الجيش الأممي إلى مناطق التوتر لإقرار السلم.
- الجمعية العامة : تتكون من مندوبي دول الأعضاء وتقوم بدراسة القرارات والمصادقة على التوصيات ( المقترحات ).
- الأمانة العامة : وتتولى تنفيذ قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة .
- محكمة العدل الدولية : وتنظر في النزاعات الدولية.
- المجلس الاقتصادي والاجتماعي : ويتدخل لتقديم التعاون بواسطة لجان تقنية ،كما ينسق عمل المؤسسات المختصة مثل :
المنظمة العالمية للتغذية والزراعة ، والمنظمة العالمية للصحة.
2- تصاعد التوتر الدولي ونشوب الحرب الباردة الأولى :
2-1:ساهمت بعض العوامل في انقسام العالم إلى كتلتين ( أسباب الحرب الباردة ) :
-التناقض بين الرأسمالية التي تقوم على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج والفوارق الاجتماعية ، وبين الاشتراكية التي تعتمد على الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج والمساواة الاجتماعية.
-النزاع بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية حول أوربا الشرقية : فهذه الأخيرة طالبت بتنظيم انتخابات نزيهة تحت إشراف الحلفاء لتحديد أنظمة ديمقراطية .في المقابل رفض الاتحاد السوفياتي ذلك وحافظ على الأنظمة الاشتراكية.
-الخلاف بين الاتحاد السوفياتي والحلفاء الغربيين حول مصير ألمانيا : حيث رفض الاتحاد السوفياتي إعادة توحيد ألمانيا في إطار النظام الرأسمالي.
2-2:تنوعت مظاهر الحرب الباردة الأولى ( 1947-1953 ) :
* القطيعة الاقتصادية والسياسية : للتصدي للمد الشيوعي ، تقدمت الولايات المتحدة الأمريكية بمساعدات اقتصادية لدول أوربا الغربية في إطار مشروع مارشال . في المقابل أسس الاتحاد السوفياتي منظمة الكوميكون التي جمعته بدول أوربا الشرقية. وأنشأ الكومينفورم الذي استهدف التنسيق بين الأحزاب الشيوعية في أوربا لمواجهة الدعاية الغربية المضادة، وللتعبئة ضد الولايات المتحدة الأمريكية ومشروع مارشال.
* أزمة برلين الأولى :أعلن الحلفاء الغربيون سنة 1948 عن تأسيس دولة ألمانيا الغربية ( الرأسمالية ) في المناطق الخاضعة لنفوذهم . فكان رد فعل الاتحاد السوفياتي هو حصار برلين الغربية وإعلانه تأسيس دولة ألمانيا الشرقية (الاشتراكية) سنة 1949
* الأحلاف العسكرية : أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية كل من حلف الشمال الأطلسي ( الناتو وحلف بغداد ومنظمة حلف جنوب شرق آسيا . في المقابل أسس الاتحاد السوفياتي حلف فارسوفيا ( وارسو) الذي ضم الدول الاشتراكية.
* الحرب الكورية (1950-1953) :تدخلت القوات الأمريكية إلى جانب كوريا الجنوبية في حربها ضد كوريا الشمالية التي كانت مدعمة من طرف القوات الصينية بأمر من الاتحاد السوفياتي.
3- مرحلة التعايش السلمي واندلاع الحرب الباردة الثانية :
3-1:بعد وفاة الرئيس ستالين دخلت العلاقات بين القطبين مرحلة التعايش السلمي :
اعترف الاتحاد السوفياتي بألمانيا الغربية وقام بحل الكومنفورم وأقر بتعدد طرق تحقيق الاشتراكية وبضرورة تفادي الحروب والثورات العنيفة . في المقابل أوقف الرئيس الأمريكي ايزنهاور الحملة المكارتية المعادية للشيوعية ، واستقبل لأول مرة الرئيس خروتشوف ( الرئيس السوفياتي ) . وعقد البلدان مؤتمرات لحل بعض النزاعات الدولية وأبرما اتفاقيات الحد من الأسلحة الاستراتيجية المعروفة باسم سالت
3-4:تعددت أشكال الحرب الباردة الثانية :
- أزمة برلين الثانية : في سنة 1961 أقامت دولة ألمانيا الشرقية جدار برلين الذي استهدف الحد من هجرة ملايين السكان نحو ألمانيا الغربية.
- الأزمة الكوبية في سنة 1962 : حاصرت القوات الأمريكية كوبا وأرغمت الاتحاد السوفياتي على تفكيك قواعده العسكرية الموجودة فوق أراضيها وسحب الصواريخ العابرة للقارات.
- ربيع براغ : في سنة 1968 اندلعت ثورة شعبية في براك عاصمة تشيكوسلوفاكيا عرفت باسم " ربيع براغ ". غير أن الجيش السوفياتي تدخل لإخمادها .
- حرب الفيتنام : تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية عسكريا لمواجهة الشيوعية في الفيتنام الشمالية خلال الحرب 1954-1975 .
- التسابق نحو التسلح : اشتد التنافس بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية في مجال التسلح حيث ثم اختراع الأسلحة الاستراتيجية وأسلحة الدمار الشامل. وعرف ذلك بتوازن الرعب.
- الصراعات الإيديولوجية في العالم الثالث : أحدث الاتحاد السوفياتي أنظمة اشتراكية في بعض البلدان الأسيوية والإفريقية وأمريكا الوسطى. في المقابل دعمت الولايات المتحدة الأمريكية الحركات المناهضة لهذه الأنظمة.
خاتمة : مع نهاية الثمانينات أخذت الاشتراكية في الانهيار بأوربا الشرقية ، وتفكك الاتحاد السوفياتي سنة 1991، وبالتالي ظهر النظام العالمي الجديد الأحادي القطب.
تصفية الاستعمار وبروز العالم الثالث
مقدمة :ساهمت عدة عوامل في تصفية الاستعمار التي أدت إلى نشأة دول العالم الثالث و حركة عدم الانحياز .
- ما هي أسباب و مراحل تصفية الاستعمار ؟
- ما هي مشاكل العالم الثالث و جهود التغلب عليها ؟
- ماذا عن حركة عدم الانحياز و باقي التكتلات الإقليمية ؟
1-أسباب ومراحل تصفية الاستعمار :
1-1:ساهمت مخلفات الحرب العالمية الثانية في تصفية الاستعمار:
* أضرت الحرب العالمية الثانية اقتصاديا واجتماعيا وبشريا بالدول الاستعمارية، واستنزفت قواها العسكرية . كما أدت هذه الحرب إلى تزايد الاستغلال الاستعماري. في ظل هذه المعطيات ،انتقلت الحركات الوطنية في المستعمرات من المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة بالاستقلال ، ولجأت إلى أسلوب الكفاح المسلح بعد فشل العمل السياسي.
*لإضعاف الدول الاستعمارية الكبرى، طرح الاتحاد السوفياتي و الولايات المتحدة الأمريكية مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها.
* اهتمت هيأة الأمم المتحدة بتصفية الاستعمار فأصدرت قرارا في هذا الشأن سنة 1960.
* في سنة 1955 انعقد مؤتمر باندونغ ( مدينة بأندونيسا ) للدول الأفروآسيوية ( الإفريقية الآسيوية ) الذي أصدر عدة قرارات منها : التأييد الكامل لمبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، ومعاداة الاستعمار، ومناهضة التمييز العنصري.
1-2:مرت تصفية الاستعمار بعدة مراحل:
في مرحلة 1945-1947 : استقلت سوريا ولبنان ، كما استقلت بلدان العالم الهندي :حيث ظهرت الحركة الوطنية الهندية بزعامة غاندي الذي دعا إلى مقاطعة المنتوجات الأجنبية والإدارة الاستعمارية ،والاعتماد على الإمكانات الذاتية ،والتعايش بين الطوائف الدينية .
في مرحلة 1948-1954 : استقلت ليبيا ومصر وبلدان الهند الصينية من بينها : الفيتنام حيث برز هوشي منه كزعيم للمقاومة المسلحة متبعا أسلوب حرب العصابات.
في مرحلة 1955-1959 : استقلت بعض الدول الإفريقية وهي السودان، المغرب ، تونس .
في مرحلة 1960-1966 : استقلت أغلب دول إفريقيا السوداء بفضل كفاح الحركة الوطنية التي قادها بعض الزعماء من بينهم الزعيم الكونغولي باتريس لومومبا .
في المرحلة 1967-1975 : استقلت باقي دول إفريقيا السوداء ، كما استقلت إمارات الخليج العربي .
استنتاج : تلخصت نتائج تصفية الاستعمار في نشأة دول العالم الثالث وتأسيس حركة عدم الانحياز.
2-مشاكل العالم الثالث وجهود التغلب عليها :
2-1:عانت دول العالم الثالث من مشاكل التخلف وعدم الاستقرار السياسي :
* مشاكل اقتصادية : وتتمثل في ازدواجية الفلاحة ( تقليدية و عصرية) وضعف حركة التصنيع، وعجز الميزان التجاري، وتراكم الديون الخارجية، والتبعية الاقتصادية.
* مشاكل اجتماعية : منها ضعف مستوى عيش أغلب السكان ، وارتفاع نسبة الفقر والأمية، وعدم كفاية الأطر والخدمات الصحية ، ونقص وسوء التغدية.
* مشاكل سياسية : عدم الاستقرار السياسي ، التدخلات العسكرية الأجنبية .
2-2:نهجت بعض دول العالم الثالث سياسات تنموية ناجعة :
* أقرت المكسيك وبلدان العالم الهندي ما عرف باسم "الثورة الخضراء" التي استهدف ضمان الأمن الغذائي لعدد السكان المتزايد وذلك باستغلال البحث العلمي لإنتاج حبوب مهجنة ذات إنتاجية عالية إلى جانب استعمال التقنيات والأساليب الحديثة والاهتمام بمشاريع السقي
* خلال الستينات والسبعينات من القرن 20 ، دخلت بعض بلدان العالم النامي مرحلة التصنيع من بينها : كوريا الجنوبية وتايوان والبرازيل . فشهدت هذه الدول نموا صناعيا سريعا وأصبحت منافسا خطيرا للدول الصناعية الكبرى.
3- حركة عدم الانحياز والتكتلات الإقليمية في العالم الثالث :
3-1:تكتلت دول العالم الثالث سياسيا داخل حركة عدم الانحياز :
* وضعت اللبنات الأولى لحركة عدم الانحياز في مؤتمر باندونغ 1955 .وتعزز ظهور هذه الحركة بفضل جهود بعض الزعماء من أشهرهم الرئيس الهندي نيهرو والرئيس المصري جمال عبد الناصر والرئيس اليوغوسلافي جوزيف تيتو.
* بموجب مؤتمر بلغراد لسنة 1961، تأسست رسميا حركة عدم الانحياز التي قامت على خمس مبادئ هي: اتخاذ موقف محايد من الصراع الدائر بين الكتلتين - عدم الانضمام إلى أي حلف عسكري تابع لهما - عدم عقد اتفاقية ثنائية مع دولة كبرى - عدم السماح لدولة أجنبية بإقامة قواعد عسكرية فوق أراضيها - تأييد حركات الاستقلال الوطني.
3-2:إلى جانب حركة عدم الانحياز ، شكلت دول العالم الثالث تكتلات إقليمية :
* إذا كانت دول العالم الثالث قد انخرطت كلها في حركة عدم الانحياز، فإنها في نفس الوقت انقسمت إلى منظمات إقليمية من أهمها:
- منظمة الوحدة الإفريقية التي تأسست سنة 1963 وضمت دول القارة الإفريقية
- منظمة المؤتمر الإسلامي التي تأسست سنة 1972 وشملت بلدان العالم الإسلامي.
- جامعة الدول العربية التي تأسست سنة 1945 وتألفت من الدول العربية.
* طرحت هذه المنظمات مجموعة من المبادئ والأهداف من بينها المساواة في السيادة بين دول الأعضاء، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل النزاعات بالطرق السلمية ، والاعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها، ومناهضة الاستعمار ، وتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء ودعم السلام والأمن الدوليين.
خاتمة : رغم حصولها على استقلالها ، لا تزال دول العالم الثالث تعاني من التبعية ومشاكل التخلف الاقتصادي والاجتماعي.
النظام العالمي الجديد والقطبية الواحدة
مقدمة : في أواخر القرن 20 انهار المعسكر الاشتراكي بأوربا الشرقية و قام النظام العالمي الجديد .
- ما هي عوامل و مظاهر انهيار المعسكر الاشتراكي بأوربا الشرقية ؟
- ما هي ملامح النظام العالمي الجديد ؟
- ما وسائل هيمنة نظام القطبية الواحدة و ردود الفعل إزاءها ؟
1-أسباب ومظاهر انهيار المعسكر الاشتراكي، وقيام النظام العالمي الجديد :
1-1:عوامل ومظاهر انهيار المعسكر الاشتراكي بأوربا الشرقية :
* يمكن تحديد عوامل انهيار المعسكر الشرقي في النقط الآتية:
- فشل سياسة البيريسترويكا والكلاسنوست اللتين أقرهما الرئيس السوفياتي غورباتشوف ( عهده 1985-1991)
- الركود الاقتصادي الذي عرفة الاتحاد السوفياتي بسبب ارتفاع النفقات العسكرية.
- تزايد نفوذ الحركات الانفصالية في الاتحاد السوفياتي وباقي دول أوربا الشرقية .
- تأزم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في دول أوربا الشرقية.
- تخلي الاتحاد السوفياتي عن مساندة الأنظمة الشيوعية بأوربا الشرقية التي واجهت تصاعد المعارضة.
* تتجلى مظاهر انهيار المعسكر الاشتراكي في النقط الآتية :
- سقوط الأنظمة الاشتراكية في بلدان أوربا الشرقية والاتحاد السوفياتي في فترة 1989-1991.
- تفكك كل من الاتحاد السوفياتي ويوغوسلافيا وتشيكوسلوفاكيا.
- تحطيم جدار برلين سنة 1989.
1-2:عند مطلع التسعينات من القرن 20 ظهر النظام العالمي الجديد الذي اتخذ أشكالا متعددة منها :
- انفراد الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة العالم، وفرض هيمنتها اقتصاديا وعسكريا وسياسيا.
- توجه دول أوربا الشرقية نحو الديمقراطية السياسية واقتصاد السوق
- اختفاء حلف وارسو، واستمرار حلف الشمال الأطلسي.
- تزايد أهمية التكتلات الاقتصادية وفي طليعتها الاتحاد الأوربي.
- تراجع دور الأمم المتحدة لفائدة الولايات المتحدة الأمريكية التي أصبحت تحدد مناطق التوتر في العالم والإجراءات التي يجب اتخاذها
- استفحال المشاكل الاقتصادية والاجتماعية لبلدان الجنوب في ظل العولمة.
2-وسائل هيمنة نظام القطبية الواحدة وردود الفعل :
2-1تنوعت وسائل هيمنة نظام القطبية الواحدة:
- الهيمنة الاقتصادية : وتعتمد على عدة أدوات منها الشركات المتعددة الجنسية، والمنظمة العالمية للتجارة ، والبنك الدولي ، وصندوق النقد الدولي ، ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية .
- الهيمنة العسكرية : وتتمثل في ارتباط عدة دول بمعاهدات عسكرية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وانتشار الأسطول الأمريكي الحربي في مختلف البحار والمحيطات، ووجود قواعد عسكرية أمريكية في عدة بلدان، بالإضافة إلى التدخل العسكري الأمريكي المباشر في بعض البلدان .
- عزل الدول المناهضة للهيمنة الأمريكية، وفرض العقوبات عليها ومقاطعتها اقتصاديا.
- اعتماد الدعاية والإعلام : حيث توظف الولايات المتحدة الأمريكية وسائل الإعلام ( السلطة الرابعة ) لخدمة مصالحها الخاصة .
2-2:تعددت ردود الفعل اتجاه نظام القطبية الواحدة :
- في الفترة الأخيرة تأسس" المنتدى الدولي حول العولمة" الذي ضم أجهزة المجتمع المدني في مختلف دول العالم والذي طالب بحق المواطنين في المشاركة في صياغة القرارات التي تخص مستقبلهم.
- في سنة 2001 تأسس "المنتدى الاجتماعي العالمي" الذي ضم مجموعة من مفكرين جامعيين اقتصاديين، والذي دعا إلى توزيع عادل للثروات وإلى التضامن بين الفئات الاجتماعية .
- قبل ذلك تأسست "حركة أطاك" التي نادت بفكرة فرض ضريبة على الرأسماليين لتمويل مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلدان الأكثر فقرا في العالم.
خاتمة : كرس نظام القطبية الأحادية هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية في مختلف المجالات.
المغرب: الكفاح المسلح من أجل الاستقلال واستكمال الوحدة الترابية
مقدمة : انتقلت الحركة الوطنية المغربية من المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة بالاستقلال.و بعد الاستقلال اهتم المغرب باستكمال وحدته الترابية .
- ما هي ظروف نشأة الحركة الوطنية المغربية،و مطالبتها بالإصلاحات خلال الثلاثينيات ؟
- ما هي عوامل و مظاهر المطالبة بالاستقلال ؟
- ما دور ثورة الملك و الشعب في استقلال البلاد ؟
- ما هي جهود المغرب لاستكمال وحدته الترابية ؟
1- نشأة الحركة الوطنية المغربية ومطالبتها بالإصلاحات :
1-1:يمكن تلخيص ظروف نشأة الحركة الوطنية المغربية خلال الثلاثينات في النقط الآتية :
- توقف المقاومة المسلحة في البوادي، واستكمال الاحتلال العسكري الأجنبي للمغرب.
- انعكاسات الاستغلال الاستعماري على المجتمع المغربي بعد الأزمة الاقتصادية العالمية لسنة 1929 م.
- ظهور الحركة السلفية على يد كل من " أبي شعيب الدكالي " و " محمد بن العربي العلوي "
- قيام الاستعمار الفرنسي في سنة 1930 بإصدار الظهير البربري الذي استهدف التفرقة العنصرية بين العرب والأمازيغ.
- لقاء " شكيب أرسلان " ببعض زعماء الحركة الوطنية المغربية وزيارته للمغرب.
- تأثر المغرب بحركات التحرر في المشرق العربي وآسيا.
1-2:اعتمدت الحركة الوطنية المغربية على وسائل متعددة :
- إنشاء مدارس حرة من طرف أعضاء الحركة الوطنية المغربية لنشر الثقافة العربية الإسلامية و لمواجهة الثقافة الغربية الاستعمارية.
- إصدار الجرائد والمجلات .
- تأسيس جمعيات: سواء داخل المغرب أو خارجه.
- تأسيس الأحزاب السياسية : ففي المنطقة السلطانية تأسست سنة 1933 " كتلة العمل الوطني " التي انقسمت سنة 1937 إلى حزبين هما " الحركة الوطنية لتحقيق المطالب "( أو الحزب الوطني ) بزعامة علال الفاسي و " الحركة القومية بقيادة محمد بلحسن الوزاني . و في المنطقة الخليفية أسس عبد الخالق الطريس " حزب الإصلاح الوطني" بينما أنشأ محمد المكي الناصري " حزب الوحدة المغربية".
1-3:طالبت الحركة الوطنية المغربية سنة 1934 بالإصلاحات :
في سنة 1934 تقدمت كتلة العمل الوطني إلى السلطات الاستعمارية بمطالب الشعب المغربي التي تضمنت الإصلاحات الآتية :
- السياسة الإدارية : إلغاء الحكم المباشر ، و تكوين حكومة مغربية ، وإقرار حرية التعبير.
- السياسة الاقتصادية و المالية : وضع حد للاستغلال الاقتصادي ، و المساواة في الضرائب بين المغاربة و الأجانب .
- السياسة الاجتماعية : الاهتمام بالتعليم و الصحة ، و تحسين ظروف العمال المغاربة
2- تطور الحركة الوطنية المغربية ومطالبتها بالاستقلال :
2-1:ساهمت عدة عوامل في استقلال الحركة الوطنية المغربية إلى المطالبة بالاستقلال :
- المواجهات الدموية التي تمت في مكناس سنة 1937 والتي عرفت بأحداث بوفكران.
- اعتقال ونفي الزعماء الوطنيين، وحظر الأحزاب الوطنية .
- تأسيس اتحاد النقابات الموحدة الذي عمل على تأطير العمال المغاربة من أجل القيام بالإضرابات والمظاهرات
- تأسيس أحزاب وطنية جديدة في الطور الأخير من الحرب العالمية الثانية ويتعلق الأمر بكل من حزب الاستقلال ،وحزب الشورى والاستقلال، والحزب الشيوعي المغربي.
- إعلان الولايات المتحدة الأمريكية استعدادها لمساعدة المغرب على تحقيق الاستقلال وذلك في مؤتمر أنفا لسنة 1943 .
- احتلال فرنسا من طرف ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية
- تصاعد حركات التحرر في المستعمرات.
- إعلان الميثاق الأطلسي لسنة 1941 حق الشعوب في تقرير مصيرها.
2-2:منذ سنة 1944 انتقلت الحركة الوطنية المغربية إلى المطالبة بالاستقلال :
* في 11 يناير 1944 أصدر حزب الاستقلال ( الحزب الوطني سابقا) وثيقة المطالبة بالاستقلال التي نادت بإلغاء نظام الحماية وباستقلال المغرب ووحدته الترابية في إطار الملكية الدستورية.
* تبنى السلطان محمد الخامس هذه الوثيقة، وقام في شهر أبريل 1947 بزيارة مدينة طنجة حيث ألقى خطابا أكد فيه على الوحدة الترابية وعلى تشبت المغرب بالقومية العربية والعقيدة الإسلامية . وأصدر السلطان بتنسيق مع قادة الحركة الوطنية مذكرات تطالب بالاستقلال.
-3 استقلال المغرب واستكمال وحدته الترابية :
3-1:أسفرت ثورة الملك والشعب عن استقلال البلاد :
* في ظل ذلك، دبر المقيم العام الفرنسي كيوم ، بمساعدة عملائه وعلى رأسهم التهامي الكلاوي، مؤامرة عزل السلطان محمد بن يوسف وتعيين مكانه محمد بن عرفة .
* وفي 20 غشت 1953 نفي السلطان محمد الخامس والأسرة الملكية إلى جزيرة كورسيكا، ومنها إلى مدغشقر.
* بمجرد نفي السلطان، انطلقت مظاهرات في المدن المغربية ،ورفض المغاربة الاعتراف بحكم ابن عرفة، وقاطعوا البضائع الفرنسية . وظهرت حركة فدائية مسلحة قادها بعض الزعماء من أشهرهم علال بن عبد الله ومحمد الزرقطوني وأحمد الحنصالي . في نفس الوقت تأسس جيش التحرير ( جيش تطوعي ) الذي تولى مهاجمة المواقع الاستعمارية في جبال الريف والأطلس المتوسط والكبير والمناطق الصحراوية.
* أمام تصاعد الكفاح المسلح، اضطرت فرنسا إلى عقد اتفاقية إيكس ليبان ( غشت 1955) التي بموجبها عاد السلطان محمد الخامس إلى وطنه في نونبر 1955. وتشكلت حكومة مغربية تكلفت بمتابعة التفاوض مع فرنسا الذي أسفر في 2 مارس 1956 عن توقيع اتفاقية مغربية فرنسية وضعت حدا للحماية الفرنسية. وفي أبريل من نفس السنة ألغيت الحماية الإسبانية في المنطقة الشمالية . وفي أكتوبر من نفس السنة ألغي الوضع الدولي لمدينة طنجة.
3-2:اهتم المغرب باستكمال وحدته الترابية :
أمام تصاعد كفاح جيش التحرير والمقاومة المسلحة لقبائل الجنوب ، اضطرت إسبانيا إلى عقد اتفاقية سينطراSintra التي بموجبها انسحبت من منطقة طرفاية سنة 1958 . وبعد مفاوضات طويلة وعسيرة تمكن المغرب من استرجاع منطقة سيدي ايفني سنة 1969 .
رفضت إسبانيا فتح المفاوضات في شأن الصحراء المغربية. لهذا طرح المغرب هذه القضية على أنظار محكمة العدل الدولية التي أصدرت حكمها الذي أكد وجود روابط البيعة والولاء بين سكان الصحراء والعرش الملكي. وبالتالي نظم المغرب في سادس نونبر 1975 المسيرة الخضراء التي أدت إلى عقد اتفاقية مدريد التي أتاحت للمغرب استرجاع منطقة الساقية الحمراء. بينما تولت موريطانيا إدارة منطقة وادي الذهب غير أنها سرعان ما انسحبت من هذه المنطقة التي قام المغرب بضمها إلى الوحدة الترابية في غشت 1979
خاتمة : استقل المغرب سنة 1956 واسترجع مناطقه المحتلة باستثناء سبتة ومليلية والجزرالجعفرية.
الحركات الاستقلالية بالجزائر وتونس وليبيا
مقدمة : استعمرت فرنسا كل من الجزائر سنة 1930 وتونس سنة 1881، بينما احتلت إيطاليا ليبيا سنة 1911.
فماهي ظروف نشأة الحركة الوطنية في كل من الجزائر وتونس وليبيا؟ وما هي مميزات هذه الحركة الوطنية في فترة ما بين الحربين وفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ؟
1- عوامل ظهور الحركة الوطنية بالجزائر وتونس وليبيا :
1-1:يعتبر الاستغلال الاستعماري من أهم عوامل نشأة الحركة الوطنية :
* كانت السلطة الفعلية في يد الإدارة الاستعمارية سواء في تونس التي خضعت لنظام الحماية، أو الجزائر وليبيا اللتين خضعتا للحكم المباشر..
* توافد على البلدان الثلاثة فرنسيون وإيطاليون ومالطيون . وشكل هؤلاء المعمرون الأوروبيون أقلية لكنهم استحوذوا على نسبة مهمة من الثروة الوطنية للمستعمرات، حيث احتكروا الأنشطة التجارية والمالية والصناعية واستولوا على أجود الأراضي الزراعية.
* عاني الأهالي من ثقل الضرائب وأعمال السخرة وتعسفات رجال السلطة. وفقد الفلاحون أراضيهم الخصبة لفائدة الأوروبيين وعملاء الاستعمار. كما تعرض الحرفيون والتجار للإفلاس ، في ظل هذه المعطيات تزايد سخط أغلب طبقات الشعب اتجاه الاستعمار مما ساعد على ظهور الحركة الوطنية .
1-2:ساهمت عوامل أخرى في نشأة الحركة الوطنية :
* خيب مؤتمر السلام العالمي بباريس (1919 ) آمال المستعمرات في حصولها على الاستقلال ، لهذا أسس عبد العزيز الثعالبي الحزب الدستوري التونسي. في نفس الوقت أنشأ الأمير خالد ( حفيد الأمير عبد القادر الجزائري ) كتلة المنتجين المسلمين الجزائريين.
* في سنة 1922 قام النظام الفاشي في إيطاليا الذي قرر تعزيز النفوذ الاستعماري في ليبيا متبعا أساليب همجية. لهذا فر إدريس السنوسي إلى مصر، فظهر عمر المختار كزعيم للمقاومة المسلحة.
* كان للحرب الريفية أثر فعال على الحركة الوطنية في باقي بلدان المغرب العربي.
2- خصائص الحركات الوطنية بكل من الجزائر وتونس وليبيا في فترة ما بين الحربين :
2-1:تعددت التيارات الوطنية بكل من الجزائر وتونس وليبيا :
* تزعم فرحات عباس التيار المطالب بإدماج الجزائر في فرنسا لتحقيق التحرر السياسي والاقتصادي. غير أن هذه الفكرة عارضها بشدة زعيم الاتجاه السلفي عبد الحميد بن باديس الذي أنشأ "جمعية العلماء المسلمين الجزائريين" التي أكدت على التشبت بالهوية الجزائرية والعقيدة الإسلامية واللغة العربية .كما أنشأ مصالي الحاج "حزب نجمة شمال إفريقيا" الذي طالب باستقلال بلدان المغرب العربي، لهذا تم حله من طرف الاستعمار، فظهر من جديد تحت اسم "حزب الشعب".
* في مطلع القرن 20 ظهرت الحركة الوطنية التونسية حيث أسس المحامي باشا حامبه حزب " تونس الفتية " الذي طالب بالاستقلال فتم حله من طرف السلطات الاستعمارية. وقام على أنقاضه " الحزب الدستوري" الذي أسسه عبد العزيز الثعالبي سنة 1920. وساهمت مخلفات الأزمة الاقتصادية العالمية في تهيئ المناخ السياسي الذي أفرز ميلاد الحزب الدستوري الجديد بزعامة " الحبيب بورقيبة " الذي طرح ثلاثة مبادئ هي الوطنية والعلمانية والليبرالية.
* تزعم عمر المختار المقاومة المسلحة لمواجهة الاحتلال الإيطالي لليبيا، متبعا أسلوب حرب العصابات، ومتخذا منطقة برقة وخاصة الجبل الأخضر قاعدة لحركته. وتمكن من إلحاق عدة هزائم بالجيش الإيطالي الذي كان يقوده كرازياني قبل أن يتم اعتقاله وإعدامه شنقا سنة 1931.
2-2:تطور الحركة الوطنية في الجزائر وتونس من خلال برامجها السياسية :
* في سنة 1930 تقدم كل من الحزب الدستوري التونسي وحزب نجمة شمال إفريقيا بمطالب يمكن تحديدها على الشكل الآتي
- تأسيس برلمان وحكومة وطنية.
- إقرار الحريات العامة وضمنها حرية الصحافة.
- المساواة بين السكان المحليين والمعمرين الأوروبيين.
- إجبارية التعليم وجعله باللغة العربية.
- تحسين الوضعية المادية للسكان المحليين.
* في سنة 1934 تقدم الحزب الدستوري الجديد ببرنامج إصلاحات يتضمن نفس المطالب
* حدد المؤتمر الجزائري مطالبه الإصلاحية سنة 1937 مستغلا وصول الجبهة الشعبية إلى الحكم في فرنسا .غير أن السلطات الاستعمارية رفضت الاستجابة لها ، وقامت بحل الأحزاب الجزائرية والتونسية وباعتقال الزعماء الوطنيين.
3- تحول مواقف الحركة الوطنية من الاستعمار بعد الحرب العالمية الثانية في كل من الجزائر وتونس وليبيا :
3-1:أدت تطورات ما بعد الحرب إلى استقلال ليبيا :
* في الطور الأول من الحرب العالمية الثانية تعرضت ليبيا لغزو القوات النازية الألمانية. وفي الطور الثاني تم تحريرها من طرف القوات الإنجليزية التي شارك إلى جانبها مشاركة رمزية إدريس السنوسي
* بعد نهاية هذه الحرب تقدمت الدول الغربية بمشروع تقسيم ليبيا إلى مناطق نفوذ أجنبي : انجليزي ، فرنسي، أمريكي. فقام الشعب الليبي بثورة عارمة ، وبالتالي قررت هيأة الأمم المتحدة منح ليبيا الاستقلال (سنة 1951 ) حيث تأسست المملكة الليبية بقيادة ادريس السنوسي.
3-2:أمام تصاعد الكفاح الوطني استقلت تونس سنة 1956 :
* إلى جانب الظروف الدولية المتمثلة في انهزام فرنسا أمام ألمانيا ، وصدور الميثاق الأطلسي، وتأييد الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية و هيأة الأمم المتحدة لمبدأ تقرير المصير. ساهمت عوامل داخلية في الانتقال إلى المطالبة بالاستقلال من أبرزها تأسيس الاتحاد العام التونسي من طرف الزعيم النقابي فرحات حشاد ،وتزايد الاستغلال الاستعماري.
* في سنة 1946 أصدرت القوى السياسية والنقابية التونسية "الميثاق الوطني" الذي تضمن المطالبة بالاستقلال.
* أمام فشل المفاوضات بين الوطنيين التونسيين بزعامة الحبيب بورقيبة والحكومة الفرنسية، انطلق الكفاح المسلح الذي عرف باسم ثورة الفلاكة والذي تمثل في العمليات الفدائية ضد المعمرين وعملائهم.
* عجلت هزيمة الفرنسيين أمام الفيتناميين( في معركة ديان بيان فو في أبريل 1954 )باستئناف التفاوض بين الفرنسيين والتونسيين والذي أدى في البداية إلى توقيع الاتفاقية الفرنسية التونسية سنة 1955 التي نصت على منح تونس الحكم الذاتي. غير أن جيش التحرير التونسي رفض هذا الشكل من الاستقلال، وقرر متابعة الكفاح المسلح. فاضطرت فرنسا إلى الاعتراف باستقلال تونس في 20 مارس 1956.
3-3:آلت الثورة الجزائرية الكبرى إلى استقلال البلاد :
* إلى جانب الظروف الدولية المحددة سابقا ،عرفت الجزائر تطورات داخلية من أبرزها الأحداث الدامية التي شهدتها بعض المدن الجزائرية (مثل اسطيف ) سنة 1945و إصدار بيان الشعب الجزائري سنة 1943.
* في ظل هذه المعطيات انتقلت الحركة الوطنية الجزائرية إلى المطالبة بالاستقلال، لكنها عانت من كثرة الانقسامات السياسية ،ورفض السلطات الاستعمارية الاستجابة لمطالب الوطنيين .فكان البديل هو اللجوء إلى الكفاح المسلح: وهكذا اندلعت في نونبر 1954 الثورة الجزائرية الكبرى التي استغرقت ثمان سنوات والتي خلفت أزيد من مليون شهيد والتي ألحقت خسائر بشرية ومادية بالمصالح الاستعمارية . وقد تولت جبهة التحرير الوطني تنظيم العمليات الفدائية خلال هذه الثورة، في نفس الوقت تشكلت الحكومة الجزائرية في المنفى ( في القاهرة )
* في ظل هذه الظروف، اضطرت فرنسا إلى التفاوض مع الوطنيين الجزائريين وعقد اتفاقية ايفيان في مارس 1962 بموجبها نظم استفتاء شعبي في يوليوز من نفس السنة كانت نتيجته لفائدة استقلال الجزائر.
خاتمة : بعد الاستقلال، واجهت بلدان المغرب العربي مشاكل التخلف الاقتصادي و الاجتماعي بالإضافة إلى مشاكل الحدود.
الحركات الإستقلالية بالمشرق العربي
مقدمة : شهدت بلدان المشرق العربي ، في فترة ما بين الحربين ، نشأة الحركة الوطنية التي تصاعد كفاحها في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية . فكانت النتيجة هي حصول بلدان المنطقة على الاستقلال . فما هي التطورات السياسية بالمشرق العربي في مرحلة ما بين الحربين و فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية؟
1-التطورات السياسية بالمشرق العربي في فترة ما بين الحربين :
1-1:أدى كفاح مصر إلى حصولها على استقلال مشروط :
* في سنة 1919 اندلعت ثورة شعبية كبرى قادها "حزب الوفد" بزعامة سعد زغلول أرغمت إنجلترا سنة 1922على استبدال نظام الحماية بالحكم الذاتي الذي ترأسه الملك فؤاد الأول.
* خلال الثلاثينات اتبعت ألمانيا النازية سياسة خارجية توسعية ،وبالتالي أصبحت ملامح الحرب العالمية الثانية تلوح في الأفق .ولهذا عملت إنجلترا على استقطاب الجناح المعتدل من حزب "الوفد" بقيادة مصطفى النحاس ، فتم التوقيع على معاهدة الزعفران سنة 1936 التي بموجبها حصلت مصر على استقلال مشروط بعدة قيود منها: إشراف إنجلترا على قناة السويس والسودان ، وجعل الأراضي المصرية والبنيات التحتية رهن إشارة القوات الإنجليزية في حالة اندلاع حرب مستقبلية.( ح.ع . الثانية )
1-2:حصل العراق والشام على استقلال شكلي :
* فرضت إنجلترا سنة 1920 انتدابها على العراق ،وفي السنة الموالية عينت فيصل بن الحسين ملكا على البلاد . فكانت النتيجة انطلاق المقاومة المسلحة العراقية ، واضطرت إنجلترا إلى التوقيع على معاهدة 1930 التي منحت العراق استقلالا مقترنا بقيود منها الإبقاء على المصالح الاقتصادية والعسكرية الإنجليزية.
* بمجرد فرض الانتداب الفرنسي( 1920) على الشام ، انعقد المؤتمر السوري العام الذي طالب باستقلال البلاد. غير أن الاستعمار الفرنسي تجاهل هذا النداء، وتابع سيطرته السياسية والعسكرية واستغلاله الاقتصادي. لهذا قامت الثورة السورية الكبرى في فترة 1925 و 1927 بزعامة السلطان الأطرش ( زعيم قبائل الدروز).
* أمام تصاعد نشاط الحركة الوطنية السورية في الثلاثينات وبداية توتر العلاقات الدولية في أوربا ،اعترفت فرنسا سنة 1936 باستقلال سوريا ولبنان مع احتفاظها بالقواعد العسكرية في البلدين والإشراف على شؤونهما الخارجية.
* في سنة 1921 فصلت إنجلترا الأردن عن فلسطين وعينت عبد الله بن الحسين ملكا على البلاد.
1-3:تأسست المملكة العربية السعودية ، وشرع الغرب في استغلال بترول الخليج :
* كانت شبة الجزيرة العربية في مطلع القرن 20 مجزءة إلى عدة إمارات ،وكانت سواحلها الشرقية والجنوبية خاضعة للحماية الإنجليزية. وقد عمل عبد العزيز آل سعود على نشر المذهب الوهابي انطلاقا من منطقتي نجد والأحساء ، وإخضاع باقي الإمارات. وبالتالي تأسيس المملكة العربية السعودية سنة 1932.
* بموجب معاهدة لوزان 1923، اعترفت بريطانيا باستقلال اليمن الشمالية ( عاصمتها صنعاء). بينما ظلت محتفظة بمحمياتها في السواحل الشرقية والجنوبية لشبة الجزيرة العربية.
* في فترة ما بين الحربين، تسابقت الشركات الأوربية والأمريكية من أجل استغلال البترول في شبة الجزيرة العربية و العراق ، وحققت من وراء ذلك أرباحا طائلة.
2 -التطورات السياسية بالمشرق العربي بعد الحرب العالمية الثانية :
2-1:قامت بمصر ثورة 1952 التي تلاها العدوان الثلاثي :
* بعد الحرب العالمية الثانية تصاعدت الحركةالوطنية المصرية. فكانت النتيجة قيام ثورة الضباط الأحرار بزعامة جمال عبد الناصر في يوليوز 1952 :حيث أطيح بنظام الملك فاروق ، وقضي على الامتيازات الأجنبية وضمنها شركة قناة السويس الذي تم تأميمها. فكان رد فعل إنجلترا وفرنسا وإسرائيل هو القيام بهجوم عسكري على مصر سنة 1956( عرف بالعدوان الثلاثي).
* إلى جانب مناهضة الإمبريالية ، قامت الدولة الناصرية ( 1952-1970)على مبادئ أخرى منها :تقوية البلاد عسكريا، وتحرير الوطن العربي وتوحيده.
2-2بعد الاستقلال ، دخل العراق والشام مرحلة عدم الاستقرار السياسي :
* في سنة 1953 تولى فيصل الثاني الملك على العراق تحت وصاية الوزير " نور السعيد " الذي أقام نظاما استبداديا ، وساهم في انضمام العراق إلى حلف بغداد ( تركيا – العراق – إيران- باكستان ) الموالي للولايات المتحدة الأمريكية. وفي سنة 1958 تزعم عبد الكريم قاسم انقلابا عسكريا انتهى بسقوط النظام الملكي، وإعدام نور السعيد. بعد ذلك دخل العراق مرحلة الصراعات السياسية التي انتهت بوصول حزب البعث العراقي إلى السلطة خلال الستينات .
* أمام تصاعد المقاومة المسلحة في بلاد الشام، اضطرت فرنسا إلى سحب قواتها من سوريا ولبنان وإلغاء القيود المقترنة باستقلال سنة 1946 . في نفس السنة ألغي الانتداب الإنجليزي بالأردن ، واعترف باستقلال البلاد تحت اسم المملكة الهاشمية الأردنية بقيادة عبد الله بن الحسين.
* بعد الاستقلال، دخلت سوريا مرحلة الاضطرابات السياسية التي آلت إلى وصول حزب البعث السوري إلى الحكم في منتصف الستينات ، في حين عاش لبنان في الفترة 1975-1990 الحرب الأهلية بين الطوائف الدينية والعرقية .
2-3:حصلت دول الخليج العربي على استقلالها وحاولت التحكم في استغلال ثراوتها الطبيعية :
* أمام تصاعد المد التحرري في بلدان الخليج العربي، اضطرت إنجلترا إلى الاعتراف باستقلال الكويت سنة 1961 واليمن الجنوبية ( عاصمتها عدن ) 1967 واستقلال كل من سلطنة عمان والبحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة سنة 1971.
* حاولت دول الخليج العربي التحكم في استغلال ثرواتها البترولية فأنشأت منظمة الدول المصدرة للبترول، وعملت على تأميم شركات النفط والتخفيف من الاحتكارات الأمريكية
خاتمة : استقلت دول المشرق العربي، لكنها ظلت تعاني من التبعية اتجاه الدول الكبرى. كما عرفت تباينا من حيث النمو الاقتصادي والاجتماعي
.
بلغ الادارة عن محتوى مخالف من هنا
ابلغون على الروابط التي لا تعمل من هنا